العماري .. سيعود ب ( لوك ) جديد !

منذ بداية المشوار السياسي لإلياس العماري، كان يبدو أن طموحات الرجل لا حدود لها، وأنه قادر على التحالف مع كل من يسهل مساره ، ويحارب سرا وعلانية كل من يقف أمام تلك الطموحات، وأنه قادر على المغامرة بكل شيء وبكل العلاقات وبكل الأرصدة المادية والرمزية من أجل الوصول إلى منصب القرار وتحقيق الأحلام التي رسمها والتي كان يراها رفاقه وأقراه مستحيلة .
لكن كل ذلك الطموح لم يكن كافيا للحفاظ على مسار الصعود نحو القمة، وعلى الأقل البقاء في الموقع أو المحطات التي وصل إليها ، بما فيها رئاسة الحزب الذي راهن عليه واستثمر ووظف فيه كل رصيد وشبكة العلاقات التي تحكم فيها، معتقدا أنها الوسيلة الكفيلة بتحقيق المستحيل، لكن ماذا حصل من تحول في المشهد وفي المعطيات حتى تتبعثر أحلام العماري في ظرف في سنة واحدة ؟
قد تظل الحقيقة ضائعة لمدة، أو قد لا تظهر، بحكم أن جل مسار العماري يلفه الغموض، فبعلاقات متعددة ومتناقضة ومشبوهة في بعض الأحيان يصير تتبع أثره متاهة تستعصي سواء تعلق الأمر بماضيه، أو بأفق طموحاته، لكن هذا لا يمنع من تبني فرضيات لتسليط الضوء قليلا على مرحلة التراجع الذي عرفه ذلك المسار من أكتوبر 2016 إلى صيف 2018 أي لمدة سنة ونصف .
من الممكن والموضوعي جدا أن تكون نتائج الانتخابات التشريعية أكتوبر 2017 نقطة التحول في مسار العماري ، فهو دخل الاستحقاقات كحزب قوي يتمتع بدعم القصر ، والرجل نفسه وبكريزمات علاقاته ، يترأس جهة الشمال بكل تناقضاتها ومواردها وحاجياتها ومطالبها ، ويروج إيديولوجيا أن حزبه خلق لمحاربة المتأسلمين والإسلام السياسي ، وإنقاذ البلاد من سوء تسييرهم للشأن العام ، وأنه سيسهر على إرساء التنمية والحداثة بكل المناطق وفي كل القطاعات بدءا من الشمال إلى أقصى الجنوب… لكن نتائج صناديق الاقتراع لم تكن مطاوعة لرغبات إلياس العماري وحزبه ، فقد تمكن حزب العدالة التنمية من الحصول على المرتبة الأولى ، وحصل حزب العماري على الثانية بفارق 23 مقعدا ، والدستور لا يقبل التأويل في إسناد رئاسة الحكومة ، فالمنصب للعدالة والتنمية بضرورة وصراحة النص الدستوري ، فلم يعد لإلياس العماري الحق في منصب رئاسة الحكومة، وبات مصيره السياسي مرهونا بثلاث اختيارات، إما الانتظار ،أو النضال في صفوف المعارضة ، أو المناورة . فاختار المناورة ، أولا لأن الانتظار لا يدخل في قواعد لعبته وقاموسه السياسي ، ثم أن المعارضة صارت مهمة وتمرينا لم يعد يتقنه أو لم يعد يرغب فيه ،ولا تسمح به “أجندته ” الجديدة ، و خصوصا بفريق برلماني هجين وغير متجانس ، فالعديد منهم جاءوا إلى الحزب من أجل الاقتراب من مراكز القرار والفوز بموقع يسمح بامتيازات الزبونية والريع التي قد يوفرها “عراب” المرحلة إلياس العماري .
فهكذا أربكت نتائج الانتخابات التشريعية كل حسابات العماري ، وجعلت رفاقه في الحزب وجل المنخرطين يقيمون الوضع وفق واقع الحال ، ليتنبهوا فجأة أن العماري لا يمتلك القوة الخارقة ، ولا يملك الخاتم السحري كما كان يوهمهم ،وأن الفشل ممكن في حزب حتى ولو ترأسه العماري . وبعدها ، توالت الأحداث في الريف معقله الرئيس وقلعته المزعومة، وتنفجر الحسيمة مدينته الأصلية احتجاجات اجتماعية أخذت من الزمن السياسي المغربي مدة وجهدا وموقعا وموقفا، والجروح لم تندمل بعد ، ولم يجد العماري حتى بصفته رئيسا على الجهة حلا للاحتجاجات وللاحتقان، بل وجوده وتدخله وظهوره كان يؤجج الوضع ، وكل مبادراته فشلت في المساعدة على حلحلة أزمة التنمية والتواصل مع المواطنين الغاضبين ، وهو نفسه الذي كان يوهم أصحاب القرار ورفاقه بأنه قادر وحده على فك لغز الشمال والريف ، وفك ألغاز كل ما يصعب في المغرب وخارجه . فبدأ الشك والتشكيك في قدرات العماري ، وحول إمكانية استمراره قائدا لحزب الجرار الذي لم يستطع حرث الريف ، ولم يحصد أغلبية البرلمان . وبما أن العماري مناور ومغامر بطبعه ، فقد حاول المزايدة باستقالته من الحزب ،انفعالا أو تفاعلا مفتعلا مع انتقاد الملك للنخب السياسية في خطاب صيف 2018 في سياق أحداث الريف ، وهي الاستقالة التي لم يحسب تداعياتها كثيرا ، إذ تحولت إلى فرصة وإشارة التقطها رفاقه ،وربما تزامنا مع إشارات قوية من جهات في القصر … لكن السؤال المطروح هل وصل طموح إلياس العماري إلى الطريق المسدود، ونهاية مشواره السياسي ؟ وهل سينسحب مرحليا ويرحل في جولات أخرى خارج الوطن لينسج علاقات جديدة تمنحه كفايات محينة تمكنه من العودة للصراع ب” لووك” جديد و ” بروفايل” جديد وبتكتيكات جديدة ؟ أم أنه سيحارب من الداخل باعتماد تقنيات السرية التي تعلمها في الثمانيات حين كان مشاغبا مغمورا ضمن ثيارات اليسار الجديد ؟ أم أنه سيعتزل السياسة ويتفرغ لمتعة التقاعد النسبي المريح ؟

مقالات ذات الصلة

6 مايو 2024

محكمة إسبانية ترغم قنصلية المغرب بمورسيا بدفع 50 مليون سنتيم لموظفة وإعادتها بعد أن طردها القنصل العام

6 مايو 2024

ويستمر الفساد … سرقة علمية بالدليل تهز كلية الحقوق بجامعة فاس بطلها العميد بالنيابة بوزلافة

6 مايو 2024

قطار يبتر قدمي عامل صيانة بمحطة فاس ويرديه قتيلا

6 مايو 2024

غدا الثلاثاء سيتم الحسم في موضوع إقالة حميد شباط وزوجته الحاجة فاطمة من عضوية مجلس جماعة فاس

6 مايو 2024

وزير التجهيز : 64 في المائة من الطرق المغربية مقبولة أو “ممتازة”

6 مايو 2024

“حماس” توافق على مقترح وقف إطلاق النار بغزة

6 مايو 2024

الاتحاد الاوروبي يشرع في تنفيذ تغييرات حول حرية التنقل داخل منطقة شنغن ويعيد نقط التفتيش في الحدود بين الدول

6 مايو 2024

كان على متنها 192 راكبا … سرب من الطيور يعيد طائرة من السماء إلى طنجة بعد أن كانت قي طريقها إلى برشلونة

6 مايو 2024

إنطلاق محاكمة نائب رئيس جماعة تطوان و”مستشار وزير العدل” في قضية سرقة 30 مليون من رئيس جماعة الجبهة

6 مايو 2024

وفاة سجين آخر في ظروف غامضة … وهذه المرة بسجن لوداية بمراكش

6 مايو 2024

قبل إنطلاق محاكمته … وبعد مرور سنتين من وجوده خلف القضبان … الوزير السابق مبديع يقدم إستقالته من البرلمان

6 مايو 2024

بسبب غيابه المتواصل … إدارية الدار البيضاء تعزل محمد بودريقة من كرسي رئاسة مقاطعة مرس السلطان

6 مايو 2024

إعتقال مسؤولين جزائريين كبار بعد تسريب معلومات سرية وملفات غاية في الخطورة إلى إسرائيل

6 مايو 2024

مغاربة بلجيكا ومشاركتهم السياسية.. تحليل وتوقعات

6 مايو 2024

فضيحة.. شركة “كوانتاس” توافق على دفع غرامة قدرها 66 مليون دولار بسبب “رحلات الأشباح”